حملة عراقية لدعم الجرحى الناجين من الحرب في قطاع غزّة

ريبورتاج

حملة ميدانِية أَطْلقها عدد من الناشطات والصحفيِّات لدعم الجرحى الناجِين من أَحداث السابع من أكتوبر في قطاع غزّة، ممّن اِسْتَقبلهم العراق في وقت سابِق لتوفير الخدمات العلاجِية لهم. الحملة تضمّنت توفير الاحتياجات الإِنسانية بشكل خاص للنساء والأطفالِ، إِضافة إِلى الدعم النفسيّ.

" الي بيصير في غزة مثل يوم القيامة الحقيقية "

عبارة قالها موسى محمد نعماوي، طِفْل في العاشرة من عمرة ناجٍ مِنْ غزَّةَ، وهو يصِف هَوْلَ ما رآه خِلال رِحْلَة الهروبِ فِي أَعْقابِ أَحْداثِ السابِعِ مِنْ أكتوبر، وَقَدْ نزح مَعَ جدّتِهِ حَيْثُ تَمَكَّن من الخروجِ مِنْ غَزَّة إِلَى مصر، ومن مصر إِلَى العراقِ، وهو يرقُ حالياً في دارِ التَمْرِيضِ فِي مَدِينَة الطب في بغداد. يقول موسى:

"قُصِف منزلنا بصاروخين أصبت وذهبت إلى مستشفى شهداء الأقصى، ثم بعد ذلك حولوني بتنسيق من وزارة الصحة الفلسطينية، وأخرجوني لتلقي العلاج في مصر. الحالات كلها التي تعرضت لكسور رُحِّلَت إلى الإمارات وقطر، ولكن قالوا إن حالتي صعبة لذلك تلقيت العلاج في مصر"

ويضيف موسى "كل شهيد مات في غزة الله يرحمه المهم أن ننتصر، ولكن ليس الآن وإنما عندما يريد الله ذلك. لو انتصرنا سأكون مبسوط كثير"

ما أَن وصل الجرحى الناجون من العمليّات العسكرِيّة المنْدلعة فِي قطاعِ غزة، حَتَّى قامت مجْموعة من الصحفيّات وَالناشطات بِتنْظيمِ حملة لدعمهِم عن ذٰلك تقول عضوة الحملة الصحفية والكاتبة رجاء حميد رشيد لأذاعتنا:

"نظمنا حملة تطوعية، وانضم إلينا الكثير من المنظمات والأشخاص وفعلا استطعنا توفير الاحتياجات اللازمة وكلا حسب الفئات العمرية سواء للنساء أو الأطفال والشباب والرجال، ووزعت لهم تحت شعار هدية من الشعب العراقي إلى الشعب الفلسطيني"

وبينت رشيد "أن الحملة مستمرة لتأمين كافة الاحتياجات الإنسانية، وسنعمل مستقبلا على تنظيم بعض الأنشطة التي من الممكن أن تحسن من نفسيتهم وبشكل خاص الأطفال".

تَسْبِق دموعهن كلماتهن، فقد ترَكْن خلفهن أبنائهن وبناتهِنّ وأهلهن، ممّن لم تشفع لهم أَهوال الحرب لخروجِهِم من غزَّة، فلم يسمح لغير المرضى والمصابِين من النساء الدخول إِلَى مصر، تشرح أسمهان المصرِي معاناة نجاتها من قذيفة دبّابة.

"نزحنا من بيت حنون، وخرجنا للشوارع وتنقلنا من بيت لبيت، قصفوا كل بيوتنا وآخر شيء نزحنا إلى مدرسة وأيضا قُصِفَت وأصبت بقذيفة دبابة، وأصبت بساقي ويدي، ووجهي أصابته شظايا. كانت المعاملة من اليهود سيئة جدا. عندما كنا نمشي في الشوارع كنا ندوس جثث كثيرة والدماء، ولم نستطع تقديم المساعدة لا حد لأن الأمر كله غريب علينا"

وتضيف أسمهان "بقي أولادي الستة وزوجي وأخي في غزة ومنذ ستة أشهر لم أتواصل معهم، ولا أعرف ما إذا كانوا قد ماتوا أم ما زالوا على قيد الحياة، الحمد لله على كل حال"

يرقد جمِيع الجرحى ومرافقيهِم في مستشفى مدينة الطب حيث تقَدم لهم العناية الطبِّية المطلُوبة، كما يَقول رئيس أَطبّاء المسْتشفى دكتور محمّد كامل لأذاعتنا.

" تم استقبال عدد من الجرحى الفلسطينيين الإخوة، وبعد أن حضروا إلى دار التمريض الخاص في مجمع مدينة الطب استقبلتهم عدد من الفرق الطبية المختصة، وكل حسب اختصاصه وما يحتاجه المريض من تداخلات جراحية، وإذا قررت وزارة الصحة والحكومة العراقية استقبال المزيد من الأعداد، فنحن على استعداد تام لتقديم الرعاية الطبية لهم "

لم يكن سهلا التعامل مع كمّ الألم والضياعِ الواضحِ فِي أَعْينِ أَبْناء قطاعِ غزَّة الناجِين من أهوال الحرب، فهم لا يعرفون ما ستؤول إِليه الأمور وهل سيعودون إِلى أرضِ وطنهم أم سيلقون مصير أَجدادهم ممن رحلوا قسْراً فِي أربعينيات القرن الماضي.